هل يستطيع الإنسان الإتيان بالأعمال الاختيارية من دون التوفيق و التسديد الإلهي؟! يجب أن يكون ثمة توفيق وتسديد من الله لكي تتم الأعمال الاختيارية من الانسان حين إعماله لإرادته و اختياره. هذا بالإضافة الى أنّ إتيان الأفعال الإرادية مشروط ببقاء الحياة والصحّة و عدم الموانع، فلإتيان الصلاة مثلاً يجب أن يكون ثمة عبد ساجد و راكع وقائم و أمثال ذلك، و أن يبدل عنوان السجود بالقيام ويتحول الشخص القائم الى راكع و ساجد، و هذا كلّه من الله تعالى؛ و ذلك لأن الوجود والايجاد - فضلاً عن الحركات والسكنات - قائم به تعالى، كما قال عزوجل: «و ما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى».
و ما نعلمه هو أنّ الله تعالى قد أمر و نهى، وأنّنا لسنا مجبورين على الفعل و الترك، و أن ثمة فرقاً بين المضطّر و غير المضطّر، و هذا هو الذي يصحّح العقوبة. و قد ثبت بالوجدان أيضاً بأننا نرى أنفسنا في مورد التكليف فاعلين لما نشاء و مختارين و خالقين، و الحال أنّ الجميع مخلوق له سبحانه، و كذلك فإنّ اختيار العبد [انّما يتحقق] على فرض إبقاء الله، و يشترط أن يبقيه الله لكي يتمكن من أداء الفعل عن إرادة واختيار.
و الإنسان فاعل ما به(لا) فاعل ما منه، و لكنه يتوهم أنه (فاعل ما منه) و أنّ الفعل صادر منه، في حين أنّه لا يعلم كم يستغرق أداء ذلك الفعل؟ و هل أنّه سينجزه إلى آخره أم لا؟ و هل سيحالفه التوفيق بأداء العمل إلى آخره أم لا، مع أنّه قاصد منذ البداية لإتيان الفعل و إتمامه إلى آخره؟